عبد الرحمن الشريف
هذه المعجزة المسكوت عنها والمذهولة عن الاذهان.. معجزة عظيمة مع انها تبدو عادية لا ترعى الانتباه او تدعوا الى التساؤل.. مع انها معجزة بكل ما يحمله المعنى.. معجزة اللسان وما ينطق به من كلام ليعبر بعبارات تودي الى الغبطة تارة او الى ان يشتط من وجه اليه الحديث غضبا..
هي تُعرف عن الشخص ماهيته وعقله وقلبه وكينونته وماضيه وربما تكشف عن احتمالات مستقبله.. هي تعري وتفضح او تستر وتجمل.. عبر عن هذا المعنى سقراط بعبارة وجيزة.. “تكلم حتى اراك..” الكلمات هي وسيلة الفهم والتعبير الاولى بين التجمعات الانسانية..
تتعجب كثيرا عندما تقف بين مجموعة تتحدث لغة اجنبية انت لا تفهم منها حرفا واحدا.. وتنظر الى ردات فعلهم من مرح وتعجب وسخط ورضى.. هذه الكلمات التي لها دلالات باتفاق مسبق بين هذا التجمع او ذاك.. في مجتمعك تحسب انك لم تشارك في هذا السرد الكلامي والقاموس اللغوي.. ولكن في الحقيقة الجميع شارك.. الجميع والجمع شارك ليحرك اللغة ويغير فيها ويبدل منها… حتى مع ملايين البشر وعلى مدار الاف السنين تتغير اللغة بالكلية لتتحول الى لغة اخرى..
ولو عاد الناس بالزمن الى الوراء الاف السنين او تحركوا الاف الاميال لوجدوا لغة مغايرة تماما.. ثم تقف حائرا هل هذه الاهتزازت التي تحركها الاحبال الصوتية عبر الفراغ لتستقبلها قطعة جلد في الاذن تغير انفعالاتنا وترفع ضغط الدم او تخفضه.. وتزيد افرازات الغدد وهرمونات الغضب او الفرح او الحماس..
هل الامر مجرد اهتزازت احبال في حلق كل واحد منا.. ام انه تعبير عن افكار.. ثم ما هذه الافكار!
افكار لا تستطيع الامساك بها ولا تعريف كنهها ولا كيف يتعامل معها الدماغ.. ثم ما هو الدماغ!
الذي هو قطعة دهن لا يتعدى الاثنين او الثلاثة كيلو جرام ليستقبل الكلام بدلالاته ليحوله الى افكار ثم افعال وردود افعال وحراك ومشاريع وحضارات وثورات وصراعات وحروب …
اول الانجيل.. في البدأ كانت الكلمة واول القران.. اقرأ وسيبقى كنه الكلمات الذي هو مطية الافكار عالم من الغيب والغموض.. حري بالتأمل والاندهاش والوقوف طويلا لثبر اغواره والكشف عن ماهيته.. ولان المنهج العلمي الحديث بنسخته الحداثية قرر ألا يخوض في الميتافزقيا او الماهية.. فيبدو ان هذا السحر الحاضر الغائب سيبقى غامضا ردحا ليس بقليل من الزمن…
1 تعليق
احمد
مقال ماتع و مفيد .. يدل على شفافية صاحبه و ذهول سجيته من قصد و فى انفسكم افلا تفكرون .. كيف لا و هو الشريف بن الاشراف رمز الطهر والعفاف .. اللسان مورد الهلاك لصاحبه وهو ايضا مصدر النجاه كيف لا و الصدقة كلمة طيبه و الناس لاتكب على مناخرهم الا حصائد السنتهم .. صدق الشريف الاول صلى الله عليه وسلم و صدقت من بعده ذريته ..