(1) أمي قصتي الأولى
أمي قصتي الأولى وأمي نبض إحساسي
وأمي منتهى أملي من الدنيا وأنفاسي
أعزُّ الخلق منزلةٌ وتاجٌ لي على الراسِ
وأمي نسيمُ جناتي رحيق الورد والآسِ
تحدثني كما روحي تخاطب في وسواسي
بنيّ إذا غفوتً ضحىً جعلتُ عليكَ حراسي
فعيناي ونبض القلب ورقيا الذكر في الكاس
وعن بعد رقيتك أمسِ من واشٍ وخناسِ
دعوت الله أن يرعاكَ في صبحٍ وإغلاسِ
بدأت بألف باسم الله ختمتُ بسورة الناسِ
(2) ثم ماتت أمي
ثم ماتت أمي
وتبدل هذا الكون سريعاً
وتردد صوتي حنيني إليها
كنحيبٍ في ليلٍ لا يرحل
كسؤالٍ يكبر دون هوادة:
ما هذا الحبل السريُّ؟
ما سرُّ طبيعته؟
رغم مسافات وغياب
ما زال قوياً كالعادة!!!
(3) وقوفاً ببابها عند الرحيل
(وقفت ببابها وكان السكون:)
ما بين بابكِ والرحيلِ حياتي كَسرَ السكونُ عزيمتي وثباتي
ووقفتُ دهراً عند بابكِ آملاً فلعلّ طيفَك لاحَ في العُتماتِ
أو صوتَك الحاني إذا ناديتني كبشائرٍ هلّت من السمواتِ
أنت التي أحببتني )أنـي أنــا) ورضـيتِ مـني الـبرّ والــزلاتِ
ورضاكِ عندي المبتغى أبــداً أمــي ســفينة رحـلتي ونجــاتي
يا بــابَها ! افتح قليلاً كــي أرى أمــي هنــاكَ … وعــدتها أنْ آتــــي
طـفلٌ وطــال غــيابه عــن أمــهِ يرجو اللقاءَ يسابق الساعاتِ
أرضيتَ أني سوف أُخلِف موعدي لأعيش دون حلاوة الجَلْساتِ
فأضعتَ ما بين السلالم فرحتي بلقائهــا … وجعاً عـلى العَتَباتِ
بــردٌ وراءكَ يستبيحُ مفــاصلي ليلٌ طويلٌ موحشُ القَسَماتِ
مهــزومةٌ روحــي يلاطمهــا الـردى في بحر شـوقٍ دون طـوقِ نجـاةِ
يــا بـابهــا لــو نظــرةً لطفــولـتي عمري هناكَ يئنُّ في الخلواتِ
لو لحظةً أخــرى أُقَبِّـل وجنــةً فيهــا نعـيمُ الفـوز بالجنــاتِ
لو دعــوةً أخـرى تــردُّ تلهفــي لو همسةً…بعضاً من الكلماتِ
لو ينتهي الكابوسُ دون رحيلها يا بابُ .. حتى وإن جثت بسكاتِ
فقْدُ الأحــبة في البُعــاد مــرارةٌ لا تنجــلي … بتصــبرٍ وأنــــاةِ
هي غـربةٌ أخــرى تزاحــم غــربتي والــروح مسكنها على الطـرقاتِ
يا بابُ خلفك ألفُ بابٍ موصدٍ بعد الرحــيل… تربصـت بحيــاتي
د. أحمد البوريني – تورنتو