تحاول غصون، من دون جدوى، العثور على خيمة أو منزل يقيها وعائلتها من الأمطار والبرد بعد نزوحهم ولم تجد إلا السيارة لتتخذها مسكنا مؤقتا لهم.
فقرب قرية معرة مصرين شمال مدينة إدلب، تقف سيارة غصون (38 عاما) الرمادية، ذات المقاعد السبعة.
وفي استراحة قبل أن تكمل العائلة طريقها بحثا عن ملجأ ما، تضع غطاء شتويا مزركشا على الأرض تجلس عليه مع ابنها الذي يأكل أقراص البسكويت وإلى جانبها زوجها حاملا طفلتهما في حضنه.
وتقول غصون وهي ترتدي عباءة سوداء وحجابا طويلا، لوكالة فرانس برس، بعد نزوحها قبل أيام “الحمد لله أكرمنا بهذه السيارة. ننام فيها رغم أن النوم ليس مريحا”، مضيفة “نتنقّل في السيارة، نمنا فيها ليلتين وهذه الثالثة وسنبقى فيها لأننا لا نجد ملجأ يأوينا”.
وتروي بينما تجلس قرب سيارتها المحملة بسجادات لفت بعناية ومدفأة “توجهنا إلى المخيمات لكن لا مكان فيها، بحثنا عن منازل لكن إيجاراتها مرتفعة”. وتسأل بحرقة “من أين سنأتي بالمال؟ لا نعرف ماذا نفعل وإلى أين نذهب”.
وعلى وقع التصعيد في ريف إدلب الجنوبي منذ مطلع ديسمبر 2019، نزحت العائلة من بلدة معرشورين التي تتحدر منها، باتجاه بلدة تفتناز شمالا حيث أمضت شهرا كاملا. ومع اقتراب العمليات العسكرية منها، عاودت النزوح.
ودفع التصعيد العسكري 586 ألف شخص وفق آخر حصيلة للأمم المتحدة إلى النزوح في إدلب، نحو مناطق لا يشملها القصف قرب الحدود التركية.
وعلى المقاعد الخلفية للسيارة، وضعت العائلة حقائب عدة وأدوات تنظيف وعبوات مؤونة وفرشا ووسائد.
تطوي العائلة مقاعد السيارة ليلا لتنام عليها، بينما تقضي يومها في البحث عن مسكن. وتخشى غصون التي تعاني من إعاقة في رجلها تمنعها من السير لمسافات طويلة، أن تصبح قريبا عاجزة عن دفع ثمن الوقود للسيارة مع قرب نفاد الأموال التي جمعتها من أتعاب زوجها عامل النظافة.