فؤاد الصباغ – كاتب تونسي و باحث اقتصادي
إذ من المؤكد أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية أخذت منعرجا جديدا مخالفا لجميع الأعراف و الإتفاقيات الدولية و أيضا للسياسات البيت الأبيض السابقة. فتلك الإدارة تحت إشراف الرئيس الأمريكي المنتخب ديمقراطيا و رجل المال و الأعمال الشهير دونالد ترمب تضرب بعرض الحائط جميع المواثيق الدولية و مبادئ القانون الدولي لتؤسس لنفسها نظاما عالميا جديد خاصا بها. ففي إطار الرؤية الترامبية لمنطقة الشرق الأوسط الجديد إنبثقت وثيقة صفقة القرن من أجل تسوية الوضعية العربية الإسرائيلية بصفة نهائية. فمن أهم بنود تلك الصفقة هو فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة و ضم غور الأردن و منطقة الجولان و الإعتراف الدولي بالقدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل العظمي التي لا تقهر للأبد. كذلك إقامة دويلة صغيرة فلسطينية مهمشة لا قيمة لها دوليا علي قطاع غزة و أجزاء من الأراضي في النقب أو الأراضي المصرية منها العريش, رفح و الشيخ زويد. أما في المقابل ستتحول الضفة الغربية إلي مسمي الأردن الكبير وذلك تحت وصاية الدولة الهاشمية علي المقدسات الدينية الفلسطينة. بالتالي يعتبر ذلك الفصل العنصري بإعلان قطاع غزة فقط دويلة فلسطينية هو بمثابة بداية النهاية لتواجد دولة فلسطين في المنطقة مع التخطيط المستقبلي لتشريد جميع اللاجئين الفلسطينيين في مختلف دول العالم. إن إنحراف مسار التوافق العربي و إنجراف البعض نحو التطبيع الأجوف و الهرولة لإبرام صفقات تجارية في قطاع الغاز أو لإرضاء “العم سام ترامب” من أجل الحصول علي دعم مالي و إستثماري ضخم علي غرار بعض المشاريع التنموية المنبثقة عن ورشة المنامة البحرينية و ذلك قصد التنازل عن القضية الفلسطينية يعد في مجمله صفعة القرن المؤلمة التي ستبقي بارزة علي وجه الحكام العرب مدي الحياة. كذلك ملامح تلك الصفعة مازالت متواصلة من خلال الإعلان مؤخرا من قبل وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية عن أن المستوطنات بالضفة الغربية شرعية و هذا التهويد للأراضي العربية ليس الأخير بل يطبخ حاليا مشروع لضم أراضي غور الأردن بعد ضم أراضي الجولان إلي دولة إسرائيل المتأمركة خاصة من خلال مخرجات القمة الثلاثية الحالية بين زعيم حزب أزرق – أبيض بني غانتس و زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو و الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. أما الرضوخ و السكوت عن الحقوق العربية من قبل بعض القادة العرب لا يمثل في مجمله إنجازات قومية لإنصاف القضية الفلسطينية والوقوف مع شعب عربي مضطهد يعاني الأمرين من فقر مدقع و إحتلال ظالم بل هي عمليات بيع للكرامة العربية و تهويد للأراضي الفلسطينية. فصفقة القرن المروج لها حاليا من قبل الإدارة الأمريكية تعتبر في مجملها سلعة فاسدة نظرا لعدم توفيرها لأدني العدالة من أجل إسترجاع الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني الذي “سلبت منه أراضيه و حريته و حياته” ليشرد بذلك في مختلف دول العالم. بالنتيجة تتحول تلك الأحداث التي إنطلقت في أواخر سنة 2017 بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل الأبدية من قبل الإدارة الأمريكية و أراضي الجولان هي في الأصل إسرائيلية و تشريع وجود المستوطنات بالضفة الغربية و أيضا إحتمال ضم غور الأردن للأراضي الإسرائيلية سنة 2020 تعتبر في مجملها صفعة القرن التي لا تمحوها التاريخ أو الجغرافيا. كذلك تعتبر تلك الصفقة هدية لإنجاح الإنتخابات الإسرائيلية و الأمريكية المرتقبة خلال هذه السنة و ذلك من أجل إرضاء اللوبي الصهيوني العالمي علي إنجازات الرئيس الأمريكي ترامب و رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. أما في المقابل فهي تعتبر صفعة القرن في وجه الأمة العربية برمتها من المحيط إلي الخليج.
اي مستقبل لنصف سكان السودان من الأطفال؟
يقظان التقي دعت منظمة الأمم المتحدة إلى بذل مزيد من الجهود لحماية 250 مليون طفل يعيشون في بلدان ومناطق متأثّرة...