فؤاد الصباغ – كاتب تونسي و باحث اقتصادي
إن عالم تكنولوجيات الإتصال و المعلومات يشهد اليوم تحولا جذريا نحو المزيد من الإبتكار و الإندماج في العولمة الشاملة و الكاملة بحيث أضحت كلها تبشر بثورة رقمية و إبداعات تقنية صاعدة و واعدة. إذ لا مجال اليوم في عالمنا المعولم هذا لرسم الحدود بين الدول بحيث أصبح الجميع في عالما إفتراضيا منصهرا في صلب شبكة الإتصالات التي تشمل الملايين من البشر و ذلك بالتواصل المباشر عن بعد و بسرعة فائقة و كأن الجميع أصبح في غرفة صغيرة واحدة. فمنذ بداية التسعينات بدأت تتضح ملامح أولي تلك العمليات الإتصالاتية الرقمية و ذلك بإستغلال الإنترنت كشبكة معلوماتية عالمية إلي أن بلغت تلك التقنيات ذروة إبداعاتها لتخلق لنفسها عالم جديد شبيه بفضاء خيالي رهيب و غريب. إن تلك التطورات في الإقتصاد الرقمي أصبحت مؤخرا يشمل العديد من المجالات و القطاعات الحيوية في الإقتصاديات الوطنية لدول العالم أو حتي علي مستوي الإقتصاد العالمي لتشكل له العمود الفقري للإقتصاد العصري. فتلك المتغيرات العالمية سمحت للخبراء و الباحثين بتطوير أساليب عملهم و معاملاتهم اليومية بحيث شمل العالم الإفتراضي قطاع الصحة فأحدث بالنتيجة آخر صيحة و هي العمليات الجراحية الإلكترونية التي تدار في قاعات عمليات تضم أطباء من مختلف دول العالم و ذلك عبر إتصالات بالأقمار الصناعية و بشبكة الإنترنت. أما قطاع التعليم فهو يعد من أبرز القطاعات التي إستفادت بشكل كبير من العالم الإفتراضي خاصة في مجال البحوث العلمية و تطوير نمط التدريس عبر إستعمال القاعات الإفتراضية عن بعد. بالإضافة إلي ذلك سهلت تلك التكنولوجيات من إستعمال الشبكات الإلكترونية كبوابات رقمية تضم جميع القواعد العلمية و المكتبات الجامعية العالمية. أما قطاع التجارة فهو أيضا كان من أكبر المستفيدين من تطور التقنيات المعلوماتية الحديثة بحيث تحولت المبادلات التجارية في العالم من التجارة التقليدية إلي التجارة الإلكترونية. فأبرز دليل علي ذلك هو بروز العديد من مواقع البيع بالجملة و لعل أشهرها موقع علي بابا الصيني و الأمازون الأمريكي بحيث أصبح المستورد قادر علي جلب العديد من المنتجات بطريقة إلكترونية بدون الحاجة للسفر. إذ أصبحت عمليات المبادلات التجارية العصرية تدار مباشرة عبر شبكة الإنترنت و بإتصالات عن بعد من أجل الشراء بالجملة و الإستخلاص و الشحن. كذلك أصبح التسويق الإلكتروني يستغل شبكة الإنترنت كمنصات للإعلانات الإشهارية للترويج و عرض المنتجات قصد جلب أقصي عدد ممكن من الحرفاء المستهدفين. كما كانت أيضا لوسائل التواصل الإجتماعي أهمية كبري في التسويق و الترويج نظرا لتزايد عدد المستخدمين لتلك المنصات الإفتراضية و التي أصبحت تضم الملايين من المتصفحين يوميا من مختلف دول العالم. أما علي الصعيد السياسي فقد ساهمت وسائل التواصل الإجتماعي و التقنيات المعلوماتية الحديثة علي بعض المنصات الإلكترونية مثل الفيديوهات و الفيسبوك و التويتر في الإطاحة بأغلب رؤساء الدول العربية في فترة ما يسمي بالربيع العربي. بالإضافة إلي ذلك مثلت للمحتجين من سترات صفراء و ثوار في دول ما يسمي بالربيع العربي في مجملها القاعدة الأساسية لإدارة حركاتهم الإحتجاجية و تنظيم مسيراتهم السلمية.
#waterlootimes