د. مدحت الكاشف | تمت دعوتي لأن أشارك بكتاب جديد… والكتاب سوف يكون عن “جسد الممثل بين الحركة اليومية المعتادة والحركة المعبرة ” و لا أستطيع البوح بأكثر من ذلك… وهذا خبر حصري لكم |
د. مدحت الكاشف | سنستضيف إثنان من خبراء المسرح والتمثيل من الولايات المتحدة الأمريكية، لن أكشف عن أسمائهم الأن لأخذ الموافقة النهائية منهم |
د.مدحت الكاشف | وبهذا خلط الكثيرين ما بين مفهوم التقمص والتركيز.. دور وعمل الممثل يقوم على التظاهر على أنه الشخصية |
تقرير لانا جلبي: حوار حصري من القاهرة
الدكتور مدحت الكاشف هو العميد الجديد للمعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة، بعد أن صدر قرار التعيين من الدكتور | أشرف زكي | رئيس أكاديمية الفنون في بداية عام 2020. قدم د.مدحت الكاشف عدداً من الأعمال المسرحية في البيت الفني للمسرح من عام 1988 وحتى عام 1991 وحاصل على دكتوراة في الفلسفة في الفنون “تخصص تمثيل وإخراج” مع مرتبة الشرف الأولى وله العديد من المؤلفات المنشورة في مجال الفن منها كتاب ” اللغة الجسدية للممثل ” وكتاب ” المسرح والإنسان ” و ” تقنيات العرض المسرحي المعاصر من الملحمية إلى أنثروبولوجيا المسرح ” وكتاب أخر بعنوان ” البانتوميم ـ فن الصمت ” وكتاب تم إصداره ضمن إصدارات المهرجان القومي للمسرح بعنوان ” الوجه والظل في دولة التمثيل ” . كان لنا معه هذا الحوار الحصري الشيق من مقر المعهد بمدينة القاهرة في مكتب الدكتور مدحت الكاشف.
الدكتور مدحت الكاشف الإنسان، من هو نريد أن نعرفه أكثر عن قرب؟
هذا أصعب سؤال ممكن أن يسأل لأنه ليس من السهل الحديث عن النفس ، لكن الحقيقة أنا شخصياً أحب الناس، أحب الخير و أحب الإبداع. أحب كل ماهو جميل من حولي و مدمن لتنسيق الأشياء و أحب النظام جداً و حتى في علاقاتي مع الأشخاص ، أحب كل ماهو جميل أيضاً، فعندما أرى من وجهة نظري أن أحداً ما يخترق هذا الجمال فأحاول أن أدعوه لأن يكون جميلاً. كما أنني أحب الصداقات.
كيف كانت بدايتك لدخول عالم الفن وكيف تتطور بشكل جعلك تفكر بأن تصبح أكاديمي في هذا المجال؟
كالعاده منذ الطفولة أيام المدرسة كنا نمارس النشاط المدرسي في حفلات السمر وفي الحفلات المسرحية، جذبني سحر المسرح ولم أكن أتوقع أنني في يوم من الأيام سأحترف هذه المهنة، وعند دخول الجامعة أزداد نشاطي أكتر وقررت أن أجرب الإلتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، فتقدم في هذه السنة 3000 شخص ونجح منهم 10 أشخاص فقط ، وكنت أنا من ضمن هؤلاء الـ 10 أشخاص. طبعاً ذلك أعطاني الثقة أكثر في نفسي، في وقتها قررت أن أحترف المهنة وأن أكون ممثل مهم ومشهور أو مخرج مهم في تاريخ المسرح. الحقيقة عندما دخلت المعهد لم يحدث هذا أو ذاك، وإنما لمست طعم التفوق في المعهد، و في نهاية السنة الأولى قررت أن أكون أستاذ في المعهد و أن أتنازل عن كل الأحلام الأخرى في مقابل تحقيق هذا الهدف.
ماهو الانجاز أو القرار الذي أنت سعيد به حتى الأن على الصعيد المهني؟
اليوم بعد مرور سنوات أحمد الله على إتخاذ القرار الصائب في التدريس لأن مهنة التدريس موهبة خاصة وشغف خاص وعشق خاص جعلني أهتم أكثر بمقالاتي ودراساتي. لدي الأن 6 كتب ومئات المقالات عن فن التمثيل والإخراج، لازلت مستمر في طريقي و عندي مشاريع ثقافية مهمة جداً. أجد نفسي وذاتي في قاعة المحاضرات بين الطلبة، فطبيعة الدراسة في المعهد ليست قاسية بل حميمة جداً، الطلبة جميعهم بطبيعة الدراسة أصدقاء، أعلم مشاكلهم العامة والخاصة وهذه مسألة ليست سهلة لإختراقهم ومعرفة داخلهم من مشاعر.
هل تعتقد أن موهبة التمثيل تكفي لوحدها بدون صقلها بالدراسة ؟ وماهي العناصر الهامة التي يتم عليها إختيار المتقدمين للمعهد؟
أنا شخصياً مؤمن بأن لا موهبة بدون دراسة ولا دراسة بدون موهبة، أو أن يكون هناك على الأقل إستعداد مبدئي و قابلية للتعلم ،لأنه هناك أشخاص ليس لديهم قابلية التعلم رغم أن لديهم الموهبة، وبذلك هم يحصرون أنفسهم في دائرة ضيقة جداً. بالنسبة للمتقدمين للمعهد ، نرغب بمن يجد في نفسه الموهبة، فعلى سبيل المثال حين يتقدم لنا مئات أو ألاف من الطلاب، نقبل فقط 20 أو 25 شخص فقط من الموهوبين والمطابقين لشروط المعهد والذين نتوقع أن لديهم القابلية للتعلم وتطوير الموهبة لديهم وتحويلها لإبداع مذهل. أما بالنسبة لمن يعتمد على الموهبة فقط بدون دراسة ، سيصل الى منطقة معينة ويتوقف عندها، لأنه ليس معداً جيداً وليس لديه ثقافة وعلم كافي للإستمرارية، المعهد يتخرج منه الممثل المثقف و الواعي القادر على إدارة نفسه وإدارة أي شئ.
ما رأيك في ظاهرة دخلاء التمثيل، كإعلاميين أو مطربين وغيره دخلوا عالم التمثيل فجأة ؟
أنا شخصياً عملت دراسة صادمة في المنطقة العربية وعلى مصر تحديداً بحكم أنها أكبر بلد يقدم فن وثقافة عربياً، لوأنني سأفترض بالنسبة المئوية إنه لدي 100 ممثل في مصر، فـ 90 % منهم هم يمارسون التمثيل ولكن في الحقيقة ليس لديهم أي علاقة بالتمثييل، وتقيمي ليس فقط كـ مشاهد عميد و إنما أيضاً كـ مشاهد عادي. فهم محسوبين علينا ممثلين، بقي عندي 10 نجوم صف أول، 5 منهم لا يعرف يمثل و النصف الأخر يعرفون وهم ممثلين حقيقيين و الذي أستطيع أن أشير لهم كممثلين. وبالتالي هذه المهنة مفتوحة لجميع التخصصات والذي يمثل يمثل..والحكم في النهاية للجمهور، والجمهور ضحية من باب التعود، بمعنى أنه أمامه ممثل فيتعامل معه على أساس أنه ممثل، بينما في الحقيقة هو دخيل على المهنة وهيفضل دخيل مهما وصل في المهنة.
ماهي مقومات الممثل الناجح؟
دراسة – قابلية للتعلم – خبرة – تجربة – ثقافة – كيف يدير نفسه – يسوق نفسه – يكتشف نفسه كـ إنسان وفنان – يكتشف نفسه بمعنى أن لديه قدرة على أن يكتشف مدى صدقه في ممارسة التمثيل، ويكتشف أداواته التي يستطيع بها التأثير على الناس، بدون وجود هذه الأساسيات سيضعف تأثيره على الناس.
ما هي صحة النظرية التي تقول أن الممثل الذي يستطيع أن يقف على خشبة المسرح ويمثل بنجاح ، يستطيع أن يمثل سينما او تلفزيون وأن العكس غير صحيح؟
نتفق أن حرفية الممثل و التمثيل واحدة لكل الأوساط ، لكن التمثيل في المسرح شئ والتلفزيون شئ و السينما والإذاعة شئ أخر، هناك فرق بين كل هذه الأنواع وبين المتطلبات و التكنيك الوسيط . أما مقولة ” الذي يمثل في المسرح يعرف يمثل في أي حاجة ” فليس لها أساس من الصحة، عندما نكون أمام ممثل متعلم بشكل جيد ومتمرس، سيكون على دراية تامة في كيفية التعامل مع كل نوعية تصوير ومتمكن من وقوفه أمام كاميرة السينما أو التلفزيون، ونفس الشئ عندما يقف على خشبة المسرح. هناك بعض من نجوم السينما لا يستطيعون التعامل مع خشبة المسرح وفشلوا وذلك يرجع لعدم وعيهم ولأنهم لم يتربوا على المسرح، وهناك نجوم مسرح في السينما فشلوا لأنهم لم يتعلموا التعامل مع متطلبات السينما، ويوجد بعض النجوم من استطاعوا معالجة هذه المشكلة وكانوا مبدعين في المسرح والسينما مثل الفنان المبدع الراحل نور الشريف.
كيف تصنف مستوى الفن المسرحي العربي بين الفنون المسرحية العالمية؟
هذه مقارنة ظالمة للمسرح العربي عموماً وخصوصاً أنه تحول في الآونة الأخيرة إلى كرنفالات وتظاهرات، لا يوجد حركة مسرحية حقيقية والبلاد جميعها تعمل على عمل عروض مسرحية تعرض في مهرجانات حقيقية، لكن أعتقد أن الحركة المسرحية المجتمعية في حالة تردي ويجب أن نواجه أنفسنا . بالتالي لا نستطيع أن ننافس المسرح العالمي الذي لا يزال ينتج عروض كثيرة قوية في وقت واحد ، مثلاً في الولايات المتحدة في برودواي يوجد شارع متخصص في المسرح من جميع الأنواع ولكل نوعية متفرج ولكن المسرح العربي لم يصل إلى هذا المستوى بعد.
ما الفرق بين تقمص الشخصية و التظاهر بالنسبة للممثل خاصة أن الكثيرين يخلطون مابين هاتين الكلمتين؟
أنا سعيد جداً بهذا السؤال لانه سيوضح الفارق المهم جداً بين التقمص والتظاهر.لدي رأي خاص جداً ربما يختلف معي الكثيرين، أنا لا أعترف بوجود كلمة إسمها تقمص، التقمص في اللغة العربية هو الخروج من جلد الشخصية إلى جلد شخصية أخرى وهذا علمياً وواقعياً غير صحيح وغير ممكن حدوثه، فهو تعبير مجازي قاله الممثلين القدامى.. كناية عن التركيز.. وبهذا خلط الكثيرين بين مفهوم التقمص والتركيز.. وأما المفهوم الحقيقي، هو أن دور وعمل الممثل يقوم على التظاهر بأنه هو الشخصية.. لكن بعد ذلك، هذا التظاهر ينتهي عندما ينتهي العرض والتمثيل ويذهب الممثل إلى المنزل ويعود لشخصيته الطبيعية. إنما التقمص هو حالة مرضية حيث يفقد الإنسان إحساسه بنفسه…. فهذا ليس تمثيل… لأن التمثيل يتطلب أعمال العقل ( أنا أعرف ماذا أفعل، لن أقتل حقيقة، لن أحب حقيقة،.. وهكذا ) جميعه نوع من أنواع التظاهر و كأنني الشخصية.
كيف تصف تجربتك في الإشراف على إقامة دورات متخصصة في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع جامعة الملك عبدالعزيز بجدة خاصة أنها أول دورات من نوعها تقام هناك؟
الحقيقية أنه لي فترة طويلة في المسرح السعودي بحكم عملي هناك لمدة خمس سنوات في إحدى مناطق السعودية وأتابع الحركة المسرحية من مهدها حتى الآن، فأنا لي تلاميذ في أنحاء متفرقة من المملكة العربية السعودية. وعملت على أكثر من دورة تدريبية هناك لفن التمثيل سواء دورات قصيرة أو طويلة، آخرهم في شهر نوفمبر 2019. قضيت شهر كامل مابين مكة وجدة بين جامعة الملك عبدالعزيز بجدة و جامعة أم القرى بمكة. و في مبادرة جميلة من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة تماشياً مع سياسة المملكة، كانت مبادرة إستخدام المسارح الجامعية للمجتمع.. الحقيقة هناك نهضة مجتمعية وسياسية وإقتصادية حصلت فى السعودية وكان يجب أن يصاحبها نهضة ثقافية…وبالفعل هذا مايحدث والمسرح أحد أشكال هذه النهضة الثقافية بل و أهمها. الحقيقة قضينا أكثر من سنة نعد منهاج وبرامج ومقررات إلى أن وصلنا إلى الصيغة النهائية.. وكان يجب تطبيقها مع مجموعة من الزملاء.. وبالفعل بدأنا وعملنا وحصلنا على نتائج جيدة جداً.. وفي النهاية أعتبر أنها تجربة ناجحة جداً بجزئها الأول وإن شاء الله سيكون لها جزء ثاني وثالث أكثر تخصصاً وعمقاً.
هل هناك منشورات أو مؤلفات جديدة تخطط لها في المستقبل القريب؟
قمت بتأليف ونشر عدة كتب ومنها ( اللغة الجسدية للممثل، المسرح و الإنسان، البانتوميم- فن الصمت، الوجه والظل في دولة التمثيل، الممثل بين قناع الشخصية و إكتشاف الدور، إكتشاف الممثل) والكتاب القادم سوف يكون في إبريل القادم في مهرجان شرم الشيخ المسرح الشبابي… تمت دعوتي لأن أشارك بكتاب جديد… والكتاب سوف يكون عن “جسد الممثل بين الحركة اليومية المعتادة والحركة المعبرة ” و لا أستطيع البوح بأكثر من ذلك… وهذا خبر حصري لكم. الحقيقة هذه الكتب ليست مجرد كتب ثقافية وإنما أتوقع منها بأن تبقى نوع من التنسيق أو التنظيم لعمل المبدع ومن أجل أن يبقى على علم بما هي حدوده و أبعاده.
هل من نصيحة ممكن تقديمها لكل ممثل ومخرج صاعد ومبدتئ ؟
عليك بالدراسة أولاً… الدراسة هي الباب الشرعي… هي الباب الملكي للدخول لهذه المهنة.. العبرة في هذه المهنة بالإستمرارية.. إلى النهاية… هل هيبقى لها نهاية أم هي بلا نهاية… و المهنة تتطلب تتطور ونوع من المعرفة والثقافة و بدونهم لن يجدي.. لذلك أنا متحيز للدراسة إلى أقصى مدى.
وهذا يمكن أن يقودني أن أخوض في منطقة مهمة تخص منصبي كعميد للمعهد العالي للفنون المسرحية، عندما تقلدت هذا التكليف من الأستاذ الدكتور” أشرف زكي” رئيس أكاديمية الفنون، كان أمامي خطين.. الأول إعتبارهذا المعهد هو مفرخة الإبداع و المبدعين و المتاح لهم الفرص من خلال الأنشطة أن يقيموا عروض تمثيل وإخراج و ديكور وكتابة نصوص، بحيث يتخرج الطالب و قد عاش ولمس تجربة الإبداع في المعهد قبل أن يتخرج ويفاجئ بها بعد التخرج. وبخط موازي لما ذكرته من هذه الأنشطة، هو العملية التعليمية، طبيعة دراسة الإبداع تندرج تحت لائحة مصمتة جافة، فتظهر مجموعة من المشكلات ولذلك جاري حالياً عملية تنقيح وتقنية للمناهج لما يتفق مع طبيعة الإبداع وطبيعة الدراسة، و ليس مجرد مواد دراسية ليس لها علاقة ببعضها، نحاول أن ننفذ ماهو كائن يقربنا من هدفنا فى النهاية.
كلمة أخيرة عن رسالة المعهد ؟
الطالب الخاص المتخرج من المعهد، في النهاية سيكون خريج حاصل على قدر من المعرفة وليس فقط في المسرح و التمثيل… وإنما أيضاً في الفلسفة وعلم النفس… اللغة العربية وفي اللغات الأجنبية… والتاريخ وَالسياسة… بحيث يصبح ممثل واعي… وليس مجرد ممثل لا يحمل قضية… بإعتبار أننا هنا ” مصنع القوى المبدعة ” أو كما يحلو للإعلام تسميتها القوة الناعمة، ولكني أراها القوى المبدعة… والإبداع هو المحرك والمثير لكل النواحي السياسية والإقتصادية والمجتمعية، بإختصار الإبداع هو تعديل المسارات بشكل راقي ومتحضر، ولكي يحدث ذلك يجب أن يكون لدينا ممثل مثقل بمعرفة ومسؤولية إجتماعية تشغله.
المشاريع والخطط المستقبلية للمعهد ؟ خبر حصري للجريدة؟
جاري العمل مع الجهات المعنية لتنفيذ أمرين، الأولى إيفاد بعثات للطلبة المتميزين المتفوقين والمعيدين وطلبة الدراسات العليا…لمختلف بلدان العالم حتى يتعرفوا على المسرح الأخر بأشكال أخرى. وفي الفترة القادمة خلال شهر فبراير القادم سنستضيف إثنان من خبراء المسرح والتمثيل من الولايات المتحدة الأمريكية، لن أكشف عن أسمائهم الأن… لأخذ الموافقة النهائية منهم، والإجراءات جارية على قدام وساق لإنهائها، الخبيرالأول سيقوم بورش عمل متخصصة والخبير الأخر سيكون جزء من الجدول الدراسي للطلاب… بحيث يكون عندي خبراء من الخارج ربما يكون لديهم ماهو أكثر تطوراً و يفيد به الطلاب ويثري الحركة التعليمية والحركة الثقافية وهذا أيضا خبر حصري لكم… نسأل الله التوفيق.
#waterlootimes