الدكتور عبدالمهدي القطامين
شكل الاردن عبر تاريخه الحديث واحدة من الحالات الفريدة للاوطان التي تشرع ابوابها لكافة موجات الهجرات التي نتجت عن اضطرابات الاقليم وعن احتلال فلسطين في موجات اللجوء الاولى وعلى الرغم من ضيق ذات الموارد وشحها وندرتها احيانا فقد ظل الوطن الاردني بمنأى عن عواصف التغيير الاجتماعي الدرامي طيلة القرن الماضي لكن ومع مطلع القرن الحادي والعشرين بدأت بعض الظواهر الاجتماعية الخارجة عن نطاق المجتمع المحافظ تلوح في الافق ويتم تدوالها في ظل ثورة الاتصالات التي شهدها العالم وهو ما يشي ان ثمة بوادر لخروج مبرمج عما الفه المجتمع الاردني في تاريخه الحديث من محافظة على العاادت والتقاليد والاخلاق واصبح الخروج عن بعضها لدى البعض يقع ضمن الحرية الشخصية وهي حرية كان ينبغي ان يكون لها ضوابطها ومحدداتها التي لا تشكل خرقا لما اعتاده المجتمع وما نشأ عليه افراد المجتمع من تربية تنسجم مع العقيدة الدينية لاهل البلاد ولمجمل الاخلاق التي شكلت عرفا كاد يرقى الى حد القانون يعتبر من خرج عنه كافرا بمقومات المجتمع وارثه وينبغي محاربته بكل الوسائل .
الانفلات المجتمعي والخروج عن ثوابت النسيج المجتمعي في مجتمع الاردن المحافظ ما كان ليخرج الى النور ومن الخفاء الى العلن لولا وجود بعض من يؤيده ويعتبره حرية شخصية وساهم في ذلك سهولة الوصول الى المجتمع عبر منصات التواصل المجتمعي وتدواله كظاهرة وعلى الرغم من الادانات الواسعة لمثل هذا الخروج من قبل فئات المجتمع الا ان هناك من يطيب له ذلك ويغذيه لسبب او لاخر وبقصد وبدون قصد احيانا وقد سهل ذلك عدم تطبيق القانون بحزم على من يخرج على تقاليد المجتمع وثقافته وتساهل منفذي القانون احيانا في تطبيقه وغياب التشريعات الحازمة التي تحارب هكذا ظواهر تعد خروجا قيميا صارخا .
يعترف علماء الاجتماع ومعهم الكثير من الناس ان المجتمع حين يتنوع مزيجه وتتعدد ثقافاته يحدث مثل ما ذكرت ولكن ما لا يدركه البعض ان الاغضاء عن حالات الخروج القيمي يعد تشجيعا لها وتصبح ردود الافعال التي تميل الى السخرية نوعا من اقرار مثل هذه الظواهر التي باتت تؤرق المجتمع المحافظ ولعل حادثة ما يعرف باسم المتسوبيشي والتي صور فيها اشخاص يقومون بفعل شاذ خارج عن سياق اخلاق المجتمع وعفته اكبر دليل على ان مثل هذه افعال فاضحة وهاتكة لستر المجتمع اصبحت تمر مرور الكرام تحت سمع وبصر الجميع ووسط فكاهة من البعض .
المجتمع الاردني مثله مثل الاقتصاد الاردني بات على حافة الهاوية وهو غير بعيد عن الواقع السياسي الذي بات اقرب الى الدراما وسط غياب حقيقي لرجال الدولة ووصول بعض الهواة الى مراكز صنع القرار على شكل وزراء قادمين من عالم البزنس التجاري او المالي والمصرفي دون اية خبرة حقيقية في عالم السياسة او بيروقراطية الدولة الاردنية التي كانت سائدة وسمة من سمات السياسة الاردنية ابان حكم الملك الراحل الحسين بن طلال واصبح الوزير دون حياء او خجل حين يترك وزارته او يقال منها يقول في مجالسه وفي وسائل الاعلام لقد جئت وزيرا وذهبت مقالا ولم اعرف في الحالتين لماذا ولعل احدهم رفع الوتيرة قليلا حين قال جئت وزيرا لتحسين راتبي التقاعدي وكفى الله المؤمنين شر القتال .
ولم تكن الادارة العامة الاردنية بمنأى عن الدراما الحزينة حين تركت للعبث من قبل اولئك الوزراء ليتم الاطاحة بنخب ادارية متمكنة واحلال بدائل تندرج ضمن الهوايات ايضا فانحدر الاداء الاداري لمنظومة الدولة ليصل الى حد محزن اطاح بفهوم الادارة العامة الاردنية التي عرفت ايضا في حقبة القرن الماضي على انها الاكفأ والاقدر عربيا وكان لها مساهماتها الفاعلة في النهوض بالادارات العامة العربية حين كان الوطن يصدر تلك الكفاءات الى الخليج العربي ويبدو ان تدميرا ممنهجا لهذه الادارة تم العمل عليه من قبل قوى خفية عبر وضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب لتنحدر الادارة العامة وتصاب مفاصل الدولة كلها بوهن عارم اطاح بأي بادرة للنهوض والتقدم .
كاتب اردني
الموت والحياة..أبعاد ألغاز محيرة..هل سنموت فقط جسدا !!
الحياة قصيرة مؤقتة..لكن الكل في الكل متشبت بها..وعند البعض التمسك بها أضحى يميل للجنون.. إلا من رحم ربك.. بيد أن...