كاتبته: فاتن أكرم-واترلوتايمز
استيقظت كعادتي العاشرة صباحا لاستعد و أحضر نفسي للخروج إلى الكلية, روتين يومي… طبعا أول من ألقي عليه تحية الصباح جوالي. وجدت اتصالا من أختي فهاتفتها, قالت لي: هناك إغلاق للطريق الرئيسي من قبل الشرطة, فالأفضل أن تواصلي في نفس الباص إلى المحطة الرئيسية و منها تأخذي الباص الثاني لمحطة القطار. كنت أجيبها بالإيجاب لكن صدقا لم أكن مدركة لكل ما قالته لأني للتو مستيقظة. أهملت الكلام و واصلت روتيني, ركبت الحافلة الأولى و نزلت في محطتي المعتادة. بعد حوالي الساعة أدركت أن الحافلة التي أنتظرها تغير مسارها من بعيد بسبب الانسداد. الساعة الآن الثانية عشر و ربع, و أنا لازلت في مسيساجا و لابد أن أصل تورونتو قبل الواحده ظهرا, خاصة و أن عندي اليوم اختبار….. يا إلهي!!! لا مجال إلا الخيار الصعب, طلب سيارة أوبر : (
و بالفعل طلبت سيارة أوبر, و تعجبت حين وجدت السائق إمرأة! لكن فرحت لذلك. دقائق كانت قد وصلتني فركبت و انطلقنا نحو محطة القطار إلى تورونتو.
السائقة كانت إمرأة سمراء, بدأت مباشرة بتجاذب أطراف الحديث معي, فارتحت معها و ألقيت بحمول توتري و انسقت معها بالكلام. قالت: هل تعرفين سبب إغلاق الطريق؟!. قلت: لا, ما السبب؟. قالت: للتو هاتفتني صديقة لي و قالت أن السبب سرقة أحدهم لشاحنة محملة باللحم, و لما أدرك أنهم بلغوه انحرف عن الطريق بقوة فانقلبت الشاحنة و مات السارق على إثر الحادث. حزنت لهذا الخبر, ثم أردفت متابعة: لا أدري الناس كيف تفعل ذلك؟! هؤلاء أصحاب عقول فارغة, فراغ العقول يؤدي بالمرء لذلك. وافقتها الرأي. قالت: بعض الأيام أنسى نفسي و حاجاتي مع كثرة الانشغال و العمل, الناس تريد الوصول للمال بطرق سهلة, أو يظنون أنها سهلة. تعرفين! أرى أن اليانصيب هي أحد هذه الطرق, فمن السخف و الجنون شراء تلك البطاقات بمالي الخاص ثم يأخذه غيري!!! ليتهم يفكرون قليلا….. هنا ضحكت, فضحكت معي و أدركت أنها تحدثت كثيرا, فسألتني بعض الأسئلة عن نفسي. كان من بين إجاباتي أني أعمل كاتبة في جريدة واترلوتايمز. حين سمعت بذلك أصابتها الفرحة و أوصتني أن أكتب للناس و توعيتهم عن طرق كسب المال السريعة, و أن الانسان حتى لو اغتنى بإحداها فإن ماله سيذهب سريعا, لأنهم لم يشقوا في إيجاده و تكوينه, ثم ساقت أدلة على ذلك… فوعدتها بأن أكتب عنها, و ها أنا أفي بوعدي لها…
شارفت على بلوغ هدفي, قالت: أنا أتمنى الخير للجميع, و أحب الجميع, أليس من حقي أن أجد من يحبني؟! أريد أن أُحب, الحب شيء جميل. قلت لها: نعم الحب جميل, لكن حين يكون مع الشخص المناسب, فلا تلقي بنفسك في نار الحب قبل أن تتأكدي أنه المناسب. أعجبها كلامي جدا لدرجة أنها تسمرت في المرآة تناظرني. أتممت كلامي قائلة: اعلمي أن الطيبين طرقهم وعرة و ربما طويلة, لكن نهاياتها جميلة و مرضية. سَعِدت بهذه الكلمات جدا و قالت و الفرحة بادية على وجهها: حقا!!! سأنتظر تلك الأيام بيقين و أتذكر كلماتك هذه دوما.
كان حوارا شيقا ممتعا و جميلا, فعلا كل أقدار الله خير, فقد حدث ما حدث ليجمعني الله بهذه السيدة الطيبة, و المكافحة في سبيل حصولها على لقمة العيش, و سعيها على أبنائها بنزاهة و بكسبها و جدها, مع صفاء نية و قلب. أردت فعلا أن أكتب قصتها, لأبين مثال من أمثلة الشعب الكندي الودود, المحب للتواصل. أنا أحييها و أحيي كل إمرأة مكافحة محافظة على نفسها, فكثيرون يظنون أن المرأة العاملة إمرأة قوية صلبة, لكن حقيقة هي تحمل من الهموم و الإجهاد ما الله به عليم, و تكون دوما متعطشة لكلمة تشجيع أو مدح.
الحمد لله على أقدار الله التي لا تأت إلا بخير, الحمد لله الذي يجمعنا مع الطيبين لنعلم دوما أن الدنيا لا تزال بخير
اي مستقبل لنصف سكان السودان من الأطفال؟
يقظان التقي دعت منظمة الأمم المتحدة إلى بذل مزيد من الجهود لحماية 250 مليون طفل يعيشون في بلدان ومناطق متأثّرة...